كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فدعا موسى إلى التوبة منه فقال اقتلوا أنفسكم ففعلنا فبلغ قتلانا سبعين الفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا، فلما سمعه ثابت بن قيس بن شماس قال أما واللّه إن اللّه يعلم مني الصدق، ولو أمرني محمد أن أقتل نفسي لفعلت.
هذا وإن ما جاء في الحديث وإن كان يدل على حادثة الزبير وخصمه إلا أنه لا يدل على نزول الآية فيها والآية متصلة بما قبلها وتابعة للسبب الأول، واللّه تعالى أعلم، لأن الزبير لم يقطع بقوله إنها نزلت في حادثة الأنصاري بل قال احسب بأنها نزلت في ذلك تدبر.
قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ} هؤلاء المنافقين {أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} لتقبل توبتكم كما فرضنا على بني إسرائيل قبل {أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ} كما أمرناهم بالخروج من مصر مع نبيهم {ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} رياء وسمعة لأن المنافقين ظاهرهم غير باطنهم، وإن ثابتا المشار إليه من القليل، وقيل لما نزلت هذه الآية، قال عمر وعمار وابن مسعود من أصحاب رسول اللّه واللّه لو أمرنا لفعلنا والحمد للّه الذي عافانا، فبلغ هذا رسول اللّه فقال إن من أمّتي لرجالا الإيمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي، وهؤلاء أيضا من القليل، اللهم اجعلنا منهم واحشرنا معهم.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ} وانقادوا لحكم الرسول {لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ} في الدارين {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)} لإيمانهم وأقرب للتودد لرسولهم {وَإِذًا} لو فعلوا ذلك اتباعا لأمرنا ونزولا لحكمنا الذي نطق به رسولنا {لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67)} على انقيادهم ورضاهم بحكم الرسول {وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطًا مُسْتَقِيمًا (68)} لا يزالون متمسكين به حتى يوصلهم الجنة، كان صلّى اللّه عليه وسلم رأى مولاه ثوبان متغيرا فقال ما غير لونك؟ وكان شديد الحياء شديد الحب لرسول اللّه قليل الصبر عنه، فقال يا رسول اللّه ما بي مرض إلا أني أستوحش إذا لم أرك وأخاف أن لا أراك في الآخرة لعلو مقامك، فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا (69)} أي ما أحسن رفقة هؤلاء الكرام {ذلِكَ} الثواب المترتب على طاعة اللّه ورسوله هو {الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)} بمن يستحق ذلك الفضل العظيم.
روى البخاري ومسلم عن أنس أن رجلا سأل النبي صلّى اللّه عليه وسلم عن الساعة، فقال متى الساعة؟ قال وما أعددت لها قال لا شيء إلا إني أحب اللّه ورسوله، فقال أنت مع من أحببت.
قال أنس فأنا أحب النبي وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبّي إياهم وإن لم أعمل بعملهم.
ورويا عن أبي هريرة قال قال صلّى اللّه عليه وسلم لن يدخل أحدكم عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول اللّه قال ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه منه بفضل.
قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} من عدوكم فاستصحبوا سلاحكم وكونوا متهيئين.
ولا يقال هنا الحذر لا يغني عن القدر لأنه محتوم كائن لا محالة، لأن الكل بقضاء اللّه وقدره، والأمر بالحذر والتقيّد هو من قضاه اللّه وقدره ولاسيما في الحرب، فإنه يطلب فيه ما لا يطلب في غيره ويجوز فيه ما لا يجوز بغيره {فَانْفِرُوا} أخرجو لعدوكم {ثُباتٍ} سرايا متفرقين واحدة تلو الأخرى {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71)} مع نبيكم أو أميره إلى جهاد عدوكم حال كونكم يقظين مدججين بسلاحكم {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} يتثاقلون ويتأخرون عن الرسول أو أميره، وأراد بهؤلاء المنافقين وإنما قال منكم لاجتماعهم معهم في الجنسية والنسب وإظهار كلمة الإسلام {فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} من قتل أو هزيمة أو أسر أو سبي {قالَ} رئيسهم ابن سلول وكلهم يقول قوله لأنهم يتبعونه في حركاته وسكناته {قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ} بعدم الخروج {إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72)} في الواقعة التي أصيبوا فيها ولو كنت لأصبت بما أصابهم {وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} من فتح أو غنيمة {لَيَقُولَنَّ} ذلك المنافق واضرابه {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ} أيها المؤمنون {وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} ولا معرفة فكأنه ليس من أهل دينكم ولا من جنسكم وتراه يقول بأعلى صوته {يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)} مما غنموه في تلك الغزوة فيا سيد الرسل قل لهم {فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ} لا الذين يبيعون الآخرة بالدنيا ويكون قصدهم من الجهاد الغنيمة فقط {وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ} ويبقى حيا {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ} بالحالتين {أَجْرًا عَظِيمًا (74)} غنيمة وسعادة أو ثوابا وشهادة.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال صلّى اللّه عليه وسلم تضمن اللّه لمن خرج في سبيل اللّه لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، وإذا كان كذلك {وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أيها المؤمنون وقد تكفل اللّه لكم بذلك وتستنقذوا المؤمنين إخوانكم المعذبين في مكة {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ} وتخلصونهم من أيدي المشركين وبراثن أعداء الدين حيث منعوهم من الهجرة إلى المدينة وحالوا دون التحاقهم بإخوانهم وأهليهم فيها ولا يزالون يعذبونهم بقصد ردهم عن دينهم ولا قوة لهم يمتنعون بها منهم وهم {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ} مكة وهي وطنهم الأصلي لشدة ما يقاسونه فيها من أهلها من العذاب بدلالة قوله تعالى حكاية عنهم: {الظَّالِمِ أَهْلُها} أنفسهم بالشرك والتعدي على الغير {وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ} يا إلهنا وسيدنا {وَلِيًّا} ينقذنا من ظلمهم {وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)} ينصرنا عليهم، فيسر اللّه لبعضهم الخروج إلى المدينة ورد صلّى اللّه عليه وسلم أبا جندل على الصورة المارة في الآية 11 من الممتحنة، ورجعوا إلى المدينة، وبقي بعضهم إلى الفتح استجابة لدعائهم، إذ تولى أمرهم خير ولي وجعل ناصرهم خير ناصر، ومطلب ما فعله أبو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب.
وجاء أبو نصير عتبة ابن أسد مسلما إلى المدينة وطلبه المشركون بمقتضى المعاهدة المذكورة، فرده صلّى اللّه عليه وسلم مع الرجلين اللذين جاءا بطلبه، وقال له قد أعطينا القوم ما علمت من الشروط فيلميمنة والمشأمة والقلب، وهكذا ترتب الحملات في الغزو والجهاد، فقال صلّى اللّه عليه وسلم اللّه أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، فبرز ملكهم مرعب وبرز إليه عامر، فاختلفت بينهما ضربتان فأصاب عامر نفسه، ثم أخذ الراية أبو بكر وقاتل قتالا شديدا، ثم أخذها عمر وكذلك قاتل أشد من صاحبه ولم يقع أحد من الطرفين ولم يؤخذ بثأر عامر رحمه اللّه، فقال صلّى اللّه عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله وينفتح على يديه، فأعطاها عليا كرم اللّه وجهه وبرز له مرعب المذكور وهو يرتجز:
قد علمت خيبر اني مرعب ** شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلتهب

فأجابه علي كرم اللّه وجهه:
أنا الذي سمتني أمي حيدره ** كليث غابات كريه المنظرة

أو فيكم بالصاع كيل السندره ثم ضرب مرعبا فقتله، وكان الفتح على يديه.
وهذه من معجزاته صلّى اللّه عليه وسلم وإخباره بالغيب، ثم برز أخوه مرحب فخرج إليه الزبير بن العوام فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب أيقتل ابني يا رسول اللّه؟ قال بل ابنك يقتله إن شاء اللّه وكان كذلك، وهذه معجزة أخرى أخبر بها صلّى اللّه عليه وسلم أيضا، ولم يزالوا يفتحون الحصون ويقتلون من يقابلهم حتى فتحوها كلها وأخذوا الأموال واستاقوا السبي الذي من جملته صفية بنت حيي سيد قريظة اصطفاها لنفسه صلّى اللّه عليه وسلم فأعتقها وتزوجها، وقسم الأموال والسبي لمن حضر الحديبية.
وحديث فتح خيبر هذا رواه سهل بن سعد وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع وأبو هريرة، وأخرجه البخاري ومسلم عنهم بزيادة على ما ذكرنا.
أما الحوادث التي وقعت فيها غير المعجزتين المارتين فمنها ما رواه البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن أبي أوفى قال أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها، فلما علت بها القدور نادى منادي رسول اللّه أن أكفئوا القدور ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا، قالوا إنما نهى عنها لأنها لم تخمس، وقال آخرون نهى عنها البتة.
وروى البخاري عن عائشة قالت لما فتحت خيبر قلت الآن نشبع من التمر.
ورويا عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول اللّه بشاة مسمومة فجيء بها إلى رسول اللّه وقد أخبره السيد جبريل بذلك، فسألها عن سبب ذلك، فقالت أردت لأقتلك، فقال ما كان اللّه ليسلطك على ذلك، أو قال علي، قالوا أنقتلها يا رسول اللّه؟ قال لا، فما زلت أعرفها في لهوات محمد صلّى اللّه عليه وسلم أي أحاديثه المؤنسة المعجب بها.
قالت عائشة كان صلّى اللّه عليه وسلم يقول: «في مرضه الذي مات فيه يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم».
والمرأة هي زينب بنت الحارث زوجة سلام بن مشكم اليهودية. قالوا لما جيء بها قالت للنبي صلّى اللّه عليه وسلم إن كنت ملكا استرحنا منك، وإن كنت نبيا فلا يضرك فعفا عنها. قالوا وكان بشر بن البراء بن معرور أكل لقمة منها فمات في ساعته.
وأخرج أبو داود عن عبد اللّه بن سلمان أن رجلّا من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمهم من المتاع والسبي فجعل الناس يبتاعون غنائمهم، فجاء رجل فقال يا رسول اللّه لقد ربحت اليوم ربحا ما ربحه أحد من أهل هذا الوادي، قال ويحك وما ربحت؟ قال ما زلت أبيع وأبتاع حتى ريحت ثلاثمائة أوقية، فقال صلّى اللّه عليه وسلم ألا أنبئك بخير ربح؟ قال وما هو يا رسول اللّه؟ قال ركعتان بعد الصلاة أطلقها صلّى اللّه عليه وسلم فتشمل كل الصلوات المفروضة أي النفل الذي بعدها، ولو كانت قبل الصلاة كنت أظنها صلاة الصبح لقوله فيها إنها خير من الدنيا وما فيها.
قالوا ثم طلبت اليهود أن يقرهم في أرضهم على نصف التمر وأن يكفوهم العمل ولهم النصف الآخر، فقال صلّى اللّه عليه وسلم لا بأس، وقبل منهم وتركهم في بلدهم على ذلك، وقال لهم نترككم ما شئنا، فبقوا على هذا حتى أجلاهم عمر رضي اللّه عنه في امارته إلى تيماء وأريحا ولما سمعت أهل فدك بما وقع في خيبر طلبت من الرسول أن يحقن دماءهم وأن يسيرهم ويخلو له الأموال ففعل بهم وأن يصالحهم على مثل ما فعل بخيبر، ففعل أي أجاب صلّى اللّه عليه وسلم طلب الفريقين الذي أراد الجلاء والذي أراد البقاء على ما طلب، فكانت غنائم خيبر للمسلمين الذين حضروا الحديبية وغنائم فدك لرسول اللّه خاصة لأنه لم يجلب عليها بخيل ولا ركاب، وقد أشار اللّه إلى هذه الحادثة في سورة الفتح الآتية في قوله عز قوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية 19، وقد أسف المنافقون على ما فاتهم من هذه النعمة كما قص اللّه تعالى عنهم في الآيات المتقدمة، وهذا الخير الثاني الذي وقع بعد صلح الحديبية والثالث هو ما فعله أبو نصير وقومه المشار إليهم آنفا قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ابتغاء مرضات اللّه وإعلاء لكلمته ونصرة لدينه ومعونة لإخوانهم المضطهدين في مكة تحت ضغط الكفرة فيها، فهؤلاء إن قتلوا فهم شهداء وإن بقوا فهم سعداء {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} الشيطان من الجن والمتشيطنين من الإنس {فَقاتِلُوا} أيها المؤمنون {أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ} ولا تخشوا كيدهم {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفًا (76)} لأنه بغي وغرور لا يئول إلى نتيجة حسنة ويوهن وينمحق بمقابلة القتال في سبيل اللّه نصرة لدينه.
قالوا: كان جماعة من المستضعفين كعبد الرحمن بن عوف الزهري والمقداد بن الأسود الكندي وقدامة بن مظعون الجمحي وسعد بن أبي وقاص، يقولون يا رسول اللّه ائذن لنا في قتال المشركين لأنهم آذونا، فقال لهم كفوا عن القتال لأني لم أومر به، وثابروا على دينكم، فأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ} بعد أن هاجروا من مكة إلى المدينة وأمروا به {إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ} أي أهل مكة الذين كانوا يطلبون الإذن بقتالهم {كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} من اللّه {وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ} الآن هلا {لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ} يريدون الموت لأنه مهما طال أجله فهو قريب، وهذا سؤال منهم عن وجه الحكمة في فرض القتال عليهم، لا اعتراض على حكم اللّه، بدليل أنهم لم يوبخوا عليه بل أجيبوا بقوله عز قوله: {قُلْ} يا سيد الرسل لهؤلاء وزهدهم فيما يطلبون من البقاء بالدنيا وما يؤملون بالقعود عن القتال، وطلب التأخير إلى الأجل، ورغبهم فيما يتالون بالقتال من النعم، لأن ما يريدونه هو {مَتاعُ الدُّنْيا} وهو عند اللّه {قَلِيلٌ} تافه سريع الزوال لا قيمة له {وَالْآخِرَةُ} التي نريدها لهم ذات النعيم الدائم والخير الجزيل والأجر الكبير فهي {خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى} السوء في هذه الدنيا الفانية الزهيدة، فميلوا إليها لتوفوا ثوابكم كاملا {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)} من أعمالكم الصالحة فيها بل تضاعف لكم.